[b]حضرت أوليف روبنسون إلى المملكة العربية السعودية منذ عامين وعملت في
المملكة وفكرة اعتناق الإسلام كانت قد بدأت معها منذ أكثر من ثماني سنوات؛
ولكنها اعتنقت الإسلام منذ سبعة أشهر فقط. وهذا الحوار يكشف لنا كيف
اقتنعت
بالإسلام؟ وكيف تغلبت على المشكلات التي تعرضت لها بسبب إسلامها. الجندي
المسلم: ما قصتك مع الإسلام؟ أوليف: بدأت قصتي مع الإسلام منذ عام 1992م
حيث كنت أعمل معلمة في إحدى المؤسسات النصرانية التي ابتعثتني إلى مدينة
صغيرة في جنوب إفريقيا وهي ملاوي وكنت مجبرة على قبول ذلك حيث توفي زوجي
بعد صراع مع مرض السرطان وترك لي ابنتين، وكانت هذه المؤسسة تدفع للبنتين
كامل نفقتهما في غيابي، وتقوم بسداد مصروفاتهما في حين أنه يصل إليّ في
مقر عملي مبلغ صغير جداً من المال لا يكفي لسد رمقي ومن هنا بدأت القصة
حيث كان في هذا البلد ولد صغير مسلم وعنده بعض العنزات، وقد لمس ظروفي
فكان يقوم بإحضار لبن عنزاته إلي مع بعض البيض كل يوم بدون أن أطلب منه
شيئاً. ومن هنا بدأت أفكر في الإسلام وكيف يعلم الناس الخير! وكيف أن هذا
الطفل المسلم يحسن إلى معلمته التي ليست على دينه؛ فأخذ التفكير في
الإسلام طريقه إلى عقلي خاصة أن ملاوي كان معظم سكانها من المسلمين. ورغم
أني لم أكن مسلمة إلا أنهم كانوا دائماً بجواري ويقدمون لي المساعدة في أي
وقت أحتاجه. كل ذلك جعلني أفكر في الإسلام تفكيراً جاداً. الجندي المسلم :
قدمت إلى المملكة العربية السعودية، وهي بلد تدين بالإسلام؛ فما الشيء
الذي جذبك للإسلام مما رأيته في المملكة؟! أوليف: الصلاة هي الشيء الأول
والمهم الذي شدني للإسلام أكثر..إنني رأيت المصلين في كل مكان في المستشفى
يقف الرجال جماعات كثيرة وقليلة في أي مكان، كذلك داخل أقسام التنويم رأيت
المرضى أنفسهم يصلون، وكذلك النساء يلجأن إلى زاوية بعيدة في القسم ليؤدين
الصلاة. والأغرب من وجهة نظري أنه في المطار أجد المسافرين يفترشون أرض
المطار لأداء الصلاة؛ فهذه الطريقة السهلة البسيطة للعبادة هي التي شدتني؛
لأنها مختلفة عن التكلف الذي كنت أجده في الكنيسة. وكذلك أعجبني تمسك
المصلين بصلاتهم. كذلك من أهم الأشياء التي أحببتها أكثر في المملكة،
وأثّرت في نفسي تأثيراً كبيراً عناية الأولاد بآبائهم وأمهاتهم؛ فالأقسام
في المستشفى مليئة بالمرضى كبار السن وتجد أولادهم من حولهم في كل وقت،
ولا يدخرون جهداً في نيل رضاهم وهم على فراش المرض على خلاف المجتمعات
الغربية المادية التي لا تقيم وزناً لمقام الأب والأم. الجندي المسلم : هل
كان مجيؤك من مجتمع غربي نصراني إلى مجتمع مسلم شرقي أثر في القضاء على
صراع تجاه الإسلام في داخلك؟ أوليف: في الحقيقة لم يكن هناك صراع في نفسي،
وكنت مهيأة تماماً قبل المجيء للمملكة لاعتناق الإسلام؛ بل إنني اخترت
المملكة بالذات لتكون بدايتي مع الإسلام؛ لأن فيها قبلة المسلمين وأحكام
الشريعة الإسلامية ظاهرة فيها، فاختياري للعمل في المملكة كان عن قصد مني
لتكون بدايتي في الإسلام منها. الجندي المسلم: كثير ممن يدخلون في الإسلام
يجدون ردة فعل غاضبة من أسرهم وأصدقائهم فلربما ضايقوهم؛ بل إن بعضهم ربما
قاطعته أسرته؟ فماذا كان رد فعل أسرتك لما تلقت نبأ إسلامك؟ أوليف: أفراد
أسرتي هنأوني على هذه الخطوة، ورحبوا بها؛ لأنهم كانوا يعلمون منذ البداية
أنني في الطريق إلى الإسلام بما كنت أذكر من إعجابي بالإسلام وبالمسلمين
وحياتهم، وكان اثنان من أفراد أسرتي يقرآن القرآن لمعرفة الإسلام، وخلال
إجازتي الصيفية كنت أذهب إلى المركز الإسلامي في جنوب إفريقيا، وكانت إحدى
ابنتيّ تذهب معي يومياً للتعرف على هذا الدين الجديد، كما أن أمي الآن
تشاهد بعض الأفلام للشيخ- أحمد ديدات تعالى التي يعرض فيها الإسلام، ويبين
فيها المآخذ على الدين النصراني المحرف. الجندي المسلم: بالطبع بعد اعتناق
الإسلام يواجه المسلم الجديد بعض المشاكل مع أصدقائه القدامى وخاصة في
مجال العمل فماذا كان رد فعلك؟ أوليف: نعم لقد واجهت الكثير، وكنت أتغلب
على هذه المشاكل والمضايقات بالاستعانة بالله وحده، وأدعوه دائماً أن
يثبتني؛ وبالفعل بعد مدة من إسلامي أشعر الآن أنني أقوى، ولا أكترث بمثل
هذه التفاهات، ومقتنعة بالإسلام اقتناعاً تاماً بحمد الله تعالى. الجندي
المسلم: ماذا عن الإسلام في جنوب أفريقيا؟ أوليف: الإسلام هناك منتشر
جداً، ويوجد الكثير من المراكز الإسلامية، وقد ذهبت لأحد المراكز ويرأسه
الشيخ أحمد خان في الوقت الحاضر بعد أن لازم الشيخ- أحمد ديدات الفراش
مريضاً. وهذه المراكز تقدم الخدمات الكثيرة منها: رعاية الأيتام، ومساعدة
الفقراء، وتحفيظ القرآن، وإلقاء الدروس الدينية، والآن يوجد في هذا المركز
الذي ذهبت إليه تسعة عشر يتيماً يعيشون داخله، ويكفلهم المركز تماماً، كما
أنني الآن بدأت أوجه مساعدتي لمثل هذه المراكز، وأكثر المسلمين هناك من
الهنود القادمين إلى البلد إضافة لأهل البلد من المسلمين. الجندي المسلم:
من وجهة نظرك كمسلمة جديدة ما أمثل طريقة للدعوة مما ترين أنه قد أثر فيك
ودعاك للإسلام؟ أوليف: أولاً: تقديم الكتب، وتعريف الآخرين بالإسلام؛ ولكن
دون محاولة التأثير عليهم أو إجبارهم على ذلك؛ ولكن لابد أن يكون بطريقة
ودية. كما أن التأثير بالقدوة الحسنة له أثر بالغ؛ فقد تأثرت بمحافظة
المرضى على الصلاة في المستشفى، وتأثرت أيضاً بعناية الأولاد بآبائهم
وأمهاتهم؛ فكان ذلك دعوة لي إلى الإسلام بلا كتاب ولا شريط وإنما
بالمعاملة الحسنة الطيبة التي دعا إليها هذا الدين العظيم. الجندي المسلم:
ما أغرب موقف مر عليك منذ إسلامك؟ أوليف: منذ فترة ليست بعيدة وقبل سفري
للإجازة تصدقت بمبلغ (1000ريال) لأحد المحتاجين من غير المسلمين؛ لأن أمه
مرضت وكان يحتاج للمساعدة للسفر إليها وزيارتها، ولامني زملائي في العمل،
وكانوا يسخرون مني ويقولون "لقد فقدت هذا المال" ولكني كنت أقول لهم: لم
أفقد شيئاً وقد فعلت ذلك في سبيل الله تعالى. وبالفعل بعدها بيومين حملت
حقائبي، وذهبت للمطار "مطار أبها" استعداداً للسفر لجنوب إفريقيا، وفوجئت
بموظف المطار يبلغني أن وزن حقائبي يفوق الوزن المسموح به، وعليّ أن أدفع
مبلغ (1300ريال) للوزن الزائد؛ ولكنه نظر إليّ وسألني في دهشة: هل أنت
مسلمة!؟ وبالطبع فإن غطاء رأسي هو الذي لفت نظره لهذا السؤال فأجبته: نعم
لقد اعتنقت الإسلام منذ شهور قليلة. فابتسم لي الموظف وقال: ليست هناك
حاجة في دفع المبلغ المطلوب. إنها هدية مقدمة من المطار لك؛ فتذكرت المبلغ
الذي أعطيته لهذا المحتاج وقد لامني عليه الناس ووددت أن أخبرهم بما حدث
ليعلموا أن من قدم خيراً لايضيع وإنما يجده عند الله تعالى. الجندي
المسلم: في ختام هذا الحوار نشكر لك تفضلك بالإجابة على أسئلتنا، ونسأل
الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الإسلام إلى أن نلقاه سبحانه وتعالى.